من المتعارف عليه، أن أسباب كسب الملكية ثلاث، أولها الأسبابالمنشئة للملكية، وثانيها الأسباب الناقلة للملكية، وأما الثالثة فهي الملكية بالخلاف عن المالك، وهذا النوع الأخير هو الذي تؤول الملكية فيه إلى شخص له صلة بالمالك الذي توفي1 وهي مسائل تندرج تحت قانون الميراث والشريعة الإسلامية. وفي إطار تيسير إجراءات التقاضي على الورثة وسرعة تقسيم التركة عليهم، صدر القانونَ رقْم (4) لسنة 2023 الجديد بشأن إجراءات تقسيم التّركات، والذي تسري أحكامه على التركات الخاصة بالقطريين داخل الدولة وخارجها. ونستعرض في هذا المقال أبرز النقاط التي تطرق إليها هذا القانون من أهداف وإجراءات.

أولاً: أهداف القانون الجديد رقم 4 لسنة 2023 المتعلق بإجراءات تقسيم التركات

يهدف القانون المتعلق بإجراءات تقسيم التركات إلى تسهيل إجراءات التقاضي على الورثة وسرعة تقسيم التركة عليهم، كما يهدف إلى توثيق روابط العلاقات الأسرية بين الورثة، وذلك تفاديا للإشكاليات القانونية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تأخير توزيع التركة على الورثة. كما تتمثل أهم الأهداف الشرعية والقانونية في صيانة حقوق القاصرين وحفظها، إضافة إلى تخفيف إجراءات التقاضي لتتماشى مع التحديات التي تفرضها قسمة التركة بين الورثة.

ثانياً: بعض إجراءات حصر التركة في إطار القانون الجديد

وتحقيقا لهذه الأهداف تطرق القانون الجديد لضرورة الاعتناء ببعض الإجراءات الهامة كخطوة حديثة من أجل تيسير عملية قسمة التركة، وذلك على النحو الآتي:

أولًا: من خلال إلزام الجهات الطبية بإبلاغ المجلس الأعلى للقضاء وهيئة شؤون القاصرين بكل حالات الوفاة داخل الدولة وذلك خلال 7 أيام حسب المادة الثالثة من القانون الجديد.

ثانيًا: إلزام الورثة بمباشرة إجراءات حصر التركة وتقسيمها خلال شهر من وفاة المورث بمحكمة الأسرة والتركات بدولة قطر، تماشيا مع أحكام الشريعة الإسلامية، التي تفرض الحفاظ على الروابط الأسرية والقسمة العادلة والشرعية بين الورثة حفظاً لحقوق الجميع دون استثناء حسب أنصبتهم الشرعية رضاءً أو قضاءً من خلال إدارة التوثيقات الأسرية بمحكمة الأسرة، وتعيين مفوض لتركة من بين الورثة لإدارة أموال التركة لحين قسمتها وتوزيعها. وفي حال اختلاف الورثة على تعيين المفوض، يُكلف القاضي المختص الهيئة العامة لشؤون القاصرين القيام بذلك. هذا وقد أكدت المادة الرابعة من القانون الجديد على ضرورة تقدم الورثة بطلب استخراج شهادة حصر الورثة لدى القاضي خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسجيل الوفاة، فإذا لم يتقدم الورثة بطلب الشهادة خلال هذا الموعد، فللقاضي اتخاذ إجراءات تحديد الورثة وإلزامهم أو أحدهم بالحضور أمامه مع الشهود لاستصدار شهادة حصر الورثة.

ثالثاً: رتب القانون الجديد مهام هيئة شؤون القاصرين من حصر وجرد للتركة فور إخطارها بالوفاة، ويتم اللجوء للهيئة في حال اختلاف الورثة حول تعيين مفوض لإدارة التركة، وذلك بتكليف من قاضي الأسرة بإدارة أموال التركة، وتقوم بهذه المهام من خلال الحفاظ على أموال التركة لحين قسمتها وتوزيعها. حيث نصت المادة السابعة من القانون محل التعليق على أن تتولى هيئة شؤون القاصرين الاستعلام عن أموال المتوفي داخل الدولة وخارجها وسداد ديون المتوفي وتنفيذ الوصايا والوقف تحت إشراف القاضي وقبل توزيع التركة على الورثة.

رابعاً: تلعب المحكمة دوراً رئيسياً في إجراءات تقسيم التركة من خلال تعيين مفوض للتركة يتولى الحفاظ على الأموال لحين قسمتها وتوزيعها، ويعتبر هذا الإجراء أساسيا في حالة كانت قسمة التركة رضائية بين الورثة. وتيسيرًا لإجراءات التقاضي، نصت المادة (11) من القانون على أن يتولى القاضي فور ورود تقرير حصر وجرد أموال التركة، سدادَ الديون وتنفيذ الوصايا والوقف وأن يتولى إعداد مشروع القسمة الرضائية للتركة أو مباشرة إجراءات الصلح والتوفيق بين الورثة بشأن توزيع أموال التركة، ويهدف هذا الدور المستحدث لتقوية الروابط الاجتماعية وتسريع إجراءات تقسيم التركات بالطرق الرضائية تفاديا للنزاعات.

خامساً: إضافة إلى ذلك، قررت المادة (12) من القانون أن مشروع القسمة الرضائية أو الصلح لا يكون نافذاً إلا بعد موافقة جميع الورثة أو من ينوب عنهم ويصدر القاضي قراره باعتماد اتفاق القسمة الرضائية أو الصلح خلال عشرة أيام من تاريخ اتفاق الورثة جميعًا أو من ينوب عنهم، أو إقراره للصلح. ويكون لقرار القاضي في تلك الأحوال قوة السند التنفيذي ويتم إعلانه للجهات المعنية لتنفيذه. وأما في حال إقرار مشروع القسمة الرضائية الذي يعده القاضي أو يقدمه الورثة، فتكون له قوة السند التنفيذي دون الحاجة لإصدار حكم قضائي. وفي حال تعذر الصلح بين الورثة خلال 30 يوما، يتولى قاضي التوثيقات الأسرية إحالة الأمر إلى دائرة التركات المختصة للفصل في النزاع في أقرب وقت ممكن حسب المادة 13 من القانون.

سادساً: أوجب القانون محل التعليق سداد ديون المتوفى وتنفيذ الوصايا والوقف تحت إشراف القاضي وقبل وتوزيع التركة على الورثة، وإعطاء الأولوية للقسمة الرضائية، وذلك قبل البدء في الاجراءات القضائية.

ويستخلص من جميع النقاط سالفة الذكر، أن القانون الجديد يهدف إلى خلق بيئة عادلة وقانونية تعمل على تسهيل الإجراءات والتعاون بين كل من محكمة الأسرة وهيئة شؤون القاصرين. وقد نوه المجلس الأعلى للقضاء عن وجود برنامج إلكتروني متكامل لتفعيل أحكام القانون، تيسيراً على الورثة ولتحقيق السرعة في إجراءات قسمة التركة وفقاً للشريعة الإسلامية، من أجل الوصول إلى العدالة الناجزة.

Footnote

1. محمد أبو زهرة. أحكام التركات والمواريث- القاهرة، دار الفكر العربي، 1963، الصفحة 5.

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.