يتعلق الحكم محل التعليق بموضوع طلباستصدارحجز تحفظي على أموال الخصم المدين ومحله إيطاليا، صادر من محكمة الاستئناف الإيطالية. وفيما يلي نستعرض وقائع النزاع والأحكام الصادرة من المحكمة القطرية وصولًا إلى الحكم محل التعليق.

أقامت الشركة طالبة الحجز الدعوى ضد الشركة الأجنبية أمام المحكمة الابتدائية في دولة قطر بغية إلزام الشركة الأجنبية بسداد مستحقاتها الناشئة عن عقد توريد مُعدات لإنشاء مصنع في دولة قطر. وحيث أن الشركة الأجنبية المدعى عليها ليس لها مقر داخل دولة قطر، وغير مسجلة بالسجل التجاري في دولة قطر، فقد قررت عدالة المحكمة إعلان الشركة الأجنبية بالبريد الدولي السريع على عنوانها الرسمي المُسجل على أوراق الشركة الأجنبية.

وقد تم الإعلان وفق الطريقة التي حددتها عدالة المحكمة، إلا أن الشركة الأجنبية تعمدت عدم الحضور أمام المحكمة القطرية على الرغم من اتصال علمها بالدعوى المتداولة أمام المحكمة القطرية. وتداولت الدعوى بالجلسات، وبتاريخ 27/2/2020، أصدرت عدالة المحكمة الابتدائية القطرية حكمها بإلزام الشركة الأجنبية بسداد مبلغ مليون يورو أو ما يقابله بالريال القطري.

وبناءً على الحكم الذي تحصلت عليه المدعية، وخشيةً من قيام الشركة الأجنبية بتصفية الشركة نظراً لوضعها المالي الحرج، قامت بالتواصل مع محامي في إيطاليا -مقر الشركة الأجنبية- الذي أكد على إمكانية تقدم المدعية بطلب للمحكمة الإيطالية لاستصدار حجز تحفظي على أموال الشركة الأجنبية حفاظاً على حقوق المدعية لحين صدور حكم نهائي وبات في النزاع. ووفقاً للقانون، فإن من أهم الشروط التي يأخذها القاضي في إيطاليا بعين الاعتبار عند نظر مثل هذه الطلبات هو عدم الإخلال بحق الدفاع، من خلال التحقق من اتصال علم المحكوم عليه بوجود دعوى متداولة ضده أمام المحكمة مُصدرة الحكم، وكذلك أن يتوفر لدى المحكوم عليه فرصة ووقت كافٍ للحضور أمام المحكمة التي تنظر النزاع ومنحه الحق في تقديم دفاعه ودفوعه بالشكل الذي يضمن له حق الدفاع عن نفسه.

وقد بدأت المدعية في إجراءات استصدار أمر الحجز التحفظي على أموال الشركة الأجنبية أمام المحكمة الإيطالية في أكتوبر 2021، وأرفقت مع طلب استصدار أمر الحجز نسخ طبق الأصل مختومة وموثقة من حكم المحكمة الابتدائية القطرية الصادر ضد الشركة الأجنبية، وكذلك نسخ من الإعلان وإعادة الإعلان الصادرين من المحكمة إلى المحكوم عليها بتاريخي الجلستين المقررين لذلك، وكذا دليل إرسال الإعلانين للشركة الأجنبية عن طريق البريد المُسجل لها في إيطاليا. كما قدمت المدعية مُستندات أُخرى من ضمنها مراسلات متبادلة بين الطرفين تُثبت اتصال علم الشركة الأجنبية بوجود دعوى متداولة ضدها أمام المحكمة القطرية، كما تُثبت استلام الشركة الأجنبية لأوراق الإعلان وطلب الحضور أمام المحاكم القطرية.

وأثناء نظر دعوى استصدار أمر الحجز التحفظي أمام المحاكم الإيطالية، قرر القاضي رفض الطلب بتوقيع حجز تحفظي على أموال الشركة الإيطالية المحكوم عليها على أساس أن الشركة لم يتسنَ لها الفرصة للحضور أمام المحكمة. وقد أشار القاضي في معرض حكمه إلى أن الإعلان الأول قد صدر بتاريخ 5/9/2019، في حين أن الجلسة كان محدداً لها تاريخ 3/10/2019. أما الإعلان الثاني بالحضور فقد صدر بتاريخ 3/10/2019 وكانت الجلسة اللاحقة مُحدد لنظرها تاريخ 30/10/2019. وبناء عليه، انتهى القاضي إلى أنه وعلى الرغم من اتصال علم الشركة الأجنبية بوجود إجراءات ودعوى مقامة ضدها أمام المحاكم القطرية من جانب المدعية، إلا أن الوقت المتاح لها بين استلامها إعلان المحكمة وتاريخ الجلسة لم يكن كافياً للشركة الأجنبية للحضور وتوكيل محامٍ وتقديم دفاع.

وحيث لم ترتضِ المدعية بحكم المحكمة الابتدائية الإيطالية برفض الطلب سالف الذكر، فقد تقدمت بدعوى استئناف للطعن على حكم المحكمة الابتدائية. إلا أن محكمة الاستئناف الإيطالية أيدت حكم المحكمة الابتدائية لذات السبب، حيث قررت أن الشركة الإيطالية المحكوم عليها والمطلوب استصدار أمر الحجز التحفظي ضدها لم تُمهل المدة الزمنية الكافية بين تاريخ الإعلان وموعد الجلسة اللاحقة حتى تتمكن من الحضور أمام المحاكم القطرية وتقديم دفاعها، بما يُعد إخلالاً بحق الدفاع في حقها. وعلى هذا الأساس، قررت محكمة الاستئناف الإيطالية تأييد حكم المحكمة الابتدائية برفض طلب استصدار أمر بالحجز التحفظي على أموال الشركة في إيطاليا في حدود المبلغ المحكوم به لصالح المدعية.

وبهذا الحكم تكون قد المحاكم الإيطالية قد أكدت على ضرورة منح المحاكم المحلية الخصم الأجنبي مهلة ووقت كافٍ للحضور أمامها، بشكل يضمن للخصم الأجنبي حقه في الدفاع عن نفسه.

ونستخلص مما تقدم، إن عدم مراعاة وجود خصم أجنبي في دعوى منظورة أمام القضاء قد يترتب عليه ضياع حق الطرف المحكوم له في الدعوى لأن الأخير لن يتمكن من تنفيذ الحكم الصادر لصالحه في الدولة مقر الشركة الأجنبية المحكوم عليها وتحصيل المبلغ المحكوم به، بما يُهدر حقوق الشركات المحكوم لها ضد شركات أجنبية ليس لها أي أموال منقولة أو ثابتة في دولة قطر.

وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى ضرورة مراعاة ميعاد المسافة استنادًا إلى نص المادة 121 من قانون المرافعات القطري والتي حددت ميعاد المسافة لمن يكون موطنه بالخارج ستون يومًا وهو الأمر الذي يوجب على المحاكم القطرية مراعاة ميعاد المسافة سالف الذكر بين تاريخ الإعلان الصادر للشركات الأجنبية التي ليس لها مقر داخل دولة قطر، وبين تاريخ الجلسة اللاحقة للإعلان والذي نرى أنه كافٍ لتستطيع الشركة الأجنبية عمل ما يلزم سواء بحضورها شخصيًا أو بواسطة وكيل، وذلك حتى لا يتم رفض تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء القطري في الدول مقار الشركات الأجنبية وسد الذريعة أمام الشركات الأجنبية للتهرب من تنفيذ الأحكام بحجة الإخلال بحق الدفاع وعدم منحها المهلة أو الفرصة الكاملة للحضور وتقديم دفاع أمام المحاكم القطرية.

Footnote

1. نصت المادة "12" من قانون المرافعات على أن "ميعاد المسافة لمن يكون موطنه في الخارج ستون يومًا. ولا يعمل بهذا الميعاد في حق من يُعلن في قطر أثناء تواجده بها. ويجوز بأمر من قاضي الأمور الوقتية إنقاص هذا الميعاد تبعًا لسهولة المواصلات وظروف الاستعجال. ويبلغ هذا الأمر مع الورقة المعلنة"

Originally published August 29, 2022

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.